المكتبة السنّية

:: عودة للمكتبة

العقيدة الصلاحية

:: الصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

عقيدة صلاح الدين الأيوبي

 

حدائق الفصول وجواهر الأصول

العقيدة الصلاحية

***

كان السلطان صلاح الدين الأيوبي شافعي المذهب، أشعري الاعتقاد، له اعتناء خاص بنشر عقيدة الإمام الأشعري رحمه الله التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فلذلك ألَّف صاحبُ هذه الرسالة هذه المنظومة وأهدادها للسلطان صلاح الدين فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في المكاتب وصارت تسمى بالعقيدة الصلاحية. ومما أمر بتعليمه:

و(صانعُ العلمِ لا يحويهِ ‍
قد كانَ موجودا ولا مكانا ‍
سبحانَهُ جلَّ عن المكانِ ‍
فقدْ غلا وزادَ في الغلوِّ ‍
وحصرَ الصانعَ في السماءِ ‍
وأثبتوا لذاتِهِ التحيُّزا

قُطرٌ) تعالى اللهُ عن تشبيهِ
وحُكمُهُ الآنَ على ما كانَا
وعزَّ عن تغيُّرِ الزمانِ
من خصَّهُ بجهةِ العلوِّ
مبدعَها والعرشُ فوقَ الماءِ
قد ضلُّ ذو التشبيهِ فيما جوَّزا

***

بسم الله الرحمن الرحيم

أفتتحُ المقالَ (بسم اللهِ) ‍
(وأحمد الله) الذي قد ألهما ‍
حمدا يكونُ مبلغي رضوانَهْ ‍
(ثم أصلي) بعدَ حمدِ الصمدِ ‍
(وأسأل اللهَ) إلهَ الخلْقِ ‍
فهذه قواعدُ العقائدِ ‍
(نظمتُها شعرا) يخِفُّ حِفظُهُ ‍
حكيتُ فيها أعدلَ المذاهبِ ‍
(جمعتُها للملكِ) الأمينِ ‍
عزيزِ مصرَ قيصرِ الشامِ ومنْ ‍
ذي العدلِ والجودِ معا والباسِ ‍
(إبنِ) الأجلِّ السيدِ الكبيرِ ‍
لا زالتِ الأيامُ طوعَ أمرِهِ ‍
حتى ينالَ منتهى آمالِهِ ‍
لما استفاضَ في الأنامِ ميلُهُ ‍
حكيتُ فيها أعدلَ المذاهبِ ‍
مخَّضْتُ كُتْبَ الناسِ واستخرجتُها ‍
(لقبتُها حدائقَ الفصولِ) ‍
(وها أنا أبدأُ بالحدِّ كما ‍
لأنَّ منْ لمْ يعرفِ الحدودا ‍
(فإن رأيتَ حمْرةً في خطِّ) ‍
أو لفظِ حدٍّ) فانفُ ما عداهُ ‍
(أو نكتةٍ) تصلُحُ أن تُميَّزا ‍
(أو رسمِ فصلٍ) فاعرفِ الإشارَةْ ‍
فإنما أوردتُّهُ اضطرارا ‍

 

وأَكِلُ الأمرَ إلى الإلهِ
بفضله دينا حنيفا قيما
فهْوَ إلهي خالقي سبحانِهْ
(على النبيِّ) المصطفى (محمّدِ)
(هدايةً إلى) سبيلِ الحقِّ
ذكرتُ منها مُعْظَمَ المقاصدِ
وفهمُه ولا يشذُّ لفظُهُ
لأنه أنهى مرادَ الطالبِ
(الناصر) الغازي صلاح الدينِ
ملَّكهُ اللهُ الحجازَ واليَمنْ
(يوسفَ) محيي دولةِ العباسِ
(أيوبَ) نجمِ الدينِ ذي التدبيرِ
والسعدُ يسعى معْ جيوشِ نصرِهِ
مؤيَّدا ممتَّعا بآلِهِ
إلى اعتقادِ الحقِّ وهْو أهلُهُ
لأنهُ أنهى مرادَ الطالبِ
لا فضلَ إلا أنني ابتكرتُها
ثمارُها جواهرُ الأصولِ
بدا به) في القولِ (مَنْ تقدَّما)
أضاعَ مما يَطلبُ المقصودا
مُثْبَتةً (فهْيَ للفظِ شرْطِ
وحرّرِ اللفظ بحدِّ أداهُ
وإنَّ ما فعلتُهُ تَحَرَّزا
إذا أتتْ كي تحسنِ العبارَةْ
وقد ذكرتُ ذلك استظهارا

 

فصل

 

قالَ شيوخُ هذه الطريقَةْ ‍
(و) ذكروا (معناهما) مِنْ بَعْدُ ‍
وها أنا أنقلُهُ وأوجزُهْ ‍
وهكذا إن قيلَ ما الشيءُ وما ‍
والشيءُ مما يستطيعُ حدَّهُ ‍
فكلُّها أسئلةٌ معَدَّدةْ ‍

 

(لا فرقَ بين الحدِّ والحقيقةْ)
مُسْتَوْعبا في كلِّ ما يُحَدُّ
(خصيصَةُ الشيءِ الذي تميِّزُهْ)
مائيَّةُ الشيءِ وما معناهما
علا على الأشياءِ ربي وحدَهُ
لفظا وفي مقصودها متَّحِدَةْ

 

فصل

 

واعلم بأنَّ (الحدَّ وصْفٌ راجِعُ) ‍
(دونَ كلامِ الحدِّ) فاعرِفْ لفظي ‍
(وانفردَ القاضي) لسانُ الأمَّةْ ‍
(فقالَ إنَّ الحدَّ وصفٌ راجعُ ‍

 

حقّا (إلى المحدودِ) وهْوَ قاطِعُ
وواظبِ التكرارَ بعدَ الحفظِ
بمذهبٍ عن معظمِ الأئمَّةْ
إلى كلامِ الحدِّ) وهْوَ شاسعُ

 

فصل

 

وأبلغُ الألفاظِ في التحديدِ ‍
وذاكَ مختارُ الإمامِ الأوحدِ ‍
(الحدُّ لفظٌ يجمعُ المحدودا ‍
وقالَ من قد أحكمَ الأصولا ‍
وأوضحَ الدَّخلَ وأبدى قولَهُ ‍
واعلمْ بأنَّ الدَّخلَ غيرُ ماضي ‍
(وقيلَ) فيما قد حكاهُ الأوَّلُ ‍
(وقد سمعتُ فيه لفظا) رائقا ‍
(حرَّرهُ) فحولُ (أهلِ المنطقِ) ‍
(وهْوَ) كما أذْكرْهُ فافهمْهُ كما ‍
(قولٌ وجيزٌ) زدْهُ في صفاتِهِ ‍
واشترطوا للحدِّ شرطينِ هما ‍
والرسمُ غيرُ الحدِّ فيما ذكروا ‍
فالشيءُ لا يُحَدُّ لكن يُرْسَمُ ‍

 

ما قالَ أهلُ العلمِ بالتوحيدِ
أبي المعالي بنِ أبي محمَّدِ
ويمنعُ النُّقْصانَ والمَزيدا)
أرى الذي ذكرتَهُ مدخولا
اللفظُ لا جمْعَ ولا منعَ لهُ
إلا على ما يرتضيهِ القاضي
(الجامعُ المانعُ) وهْوَ مُجمَلُ
مطَّردا منعكسا موافقا
وسلكوا فيهِ أسدَّ الطُرُقِ
فهمتُهُ تجدْهُ حدّا مُحْكما
(دلَّ على محدودِهِ من ذاتِهِ)
جنسٌ وفصلٌ لا غِناءَ عنهما
قد أطنبوا في وصْفِهِ وأكثروا
لعدمِ الفصلِ كذا قد رَسَموا

 

فصل

في أولِ ما يجبُ على المكَّلَف‍

 

(أوَّلُ واجبٍ على المكَلَّفِ) ‍
(بالشرعِ) لا بالعقلِ إذ لا حُكمَ لَهْ ‍
(معرفةُ اللهِ) وقُدْسِ ذاتِهِ ‍
(وقيلَ) بل أوَّلُ فرضٍ لَزِما ‍
قدَّمتُهُ) وإنما ضمَّنْتُهُ ‍
(وقيلَ) بل (أوَّلُ جزءِ النظرِ ‍
(وذكرَ الأستاذُ قولا رابعا) ‍
(فقالَ قَصْدُ النظرِ المفضِيْ إلى ‍

 

البالغُ العاقلُ فاهَمْ تكْتَفِ
خالفَنَا في ذلكَ المعتزلَةْ
وكلُّ ما يجوزُ في صفاتِهِ
(النظرُ المفضِيْ إلى العلمِ بما
ليَحْصُلَ المقصودُ مما رمْتُهُ
واختارَه القاضِيْ الجليلُ الأشعري
أعني أبا بكرِ الإمام البارعا
معرفةِ الصانعِ) بارينا علا

 

فصل

في ماهيةِ العقل‍

 

(العقلُ) لا يقْدِرُ أنْ يحدَّهْ ‍
لأنهُ خصيصةٌ أودعها ‍
وكلُّ ذي روحٍ لهُ إلهامُ ‍
كالنحلِ خُصَّ ببديعِ الهندسَهْ ‍
وهكذا خصائصُ الأحجارِ ‍
وقد أطالَ البحثَ عنهُ السلفُ ‍
واضطربتْ عبارةُ الأوائلِ ‍
وهمْ أولوا العلومِ بالطبائعِ ‍
وأكثروا التحديدَ والتخليطا ‍
وبعضُهم أقرَّهُ في الراسِ ‍
فأقربُ الحدودِ في المعقولِ ‍
وقد حكاهُ صاحبُ الإرشادِ ‍
(بعضُ العلومِ) ثم زادَ وصفا ‍
هذا هو المختارُ فيما ذكروا ‍
فإنْ يكنْ بعضُ العلومِ مطلقا ‍
فهمْ بهِ من جملةِ الجهّالِ ‍
وإن يكنْ عندَهُمُ معيَّنا ‍
افإنَّ أنواعَ العلومِ ستَّهْ ‍
تُدْرَكُ بالرؤيةِ والسمعِ وما ‍
الشمُّ واللمسُ معا والذَّوْقُ ‍
ومُدرِكُ السادسِ من انواعها ‍
كعِلمِ كلِّ عاقلٍ بصحَّتِهْ ‍
والفرحُ الحادثُ والآلامُ ‍
والقطعِ في الأخبارِ بالتصديقِ ‍
وأنَّ ما قامَ بهِ السكونُ ‍
وما أحالَ العقلُ في الأضدادِ ‍
وما تواترتْ بهِ الأخبارُ ‍
كالعلم بالملوكِ والأمصارِ ‍
ومعجزاتِ الأنبيا كموسى ‍
فخَصِّصِ العقلَ بنوعٍ منها ‍
واعلم هُدِيْتَ إنما تجَوَّزوا ‍
وهم أولو القرائحِ الوقَّادَهْ ‍

 

إلا إلهُ العالمينَ وحْدَهْ
في الآدميِّ جلَّ من أبدعَها
تَعجِزُ عن إدراكِهِ الأفهامُ
حتى بنَى بيوتَه مسدسَهْ
من حكمةِ المهيمن الجبارِ
وزادَ في الغوصِ عليهِ الخلفُ
في حدِّهِ وما أتَوْا بطائلِ
لا علمَ إلا للبديعِ الصانعِ
حتى دَعَوْهُ جوهرا بسيطا
وخصَّهُ في القلبِ بعضُ الناسِ
ما قالَهُ أئمةُ الأصولِ
فيهِ وقد عُدَّ من الأفرادِ
وهْوَ (الضروريَّةُ) ليس يَخفَى
وهْوَ على التحقيقِ حدٌّ منكَرُ
لا يعرفونَ عينَهُ محقَّقا
وما حكَوْهُ ظاهرُ الإجمالِ
هلاّ أتى في لفظِهم مُبَيَّن
ليسَ لها نوعٌ سواها بتَّةْ
أذكرُهُ منْ بعدُ حتى تَفهما
فهذه الخمسُ إليها التَّوْقُ
النفسُ إذ ذلكَ من طِباعِها
وسُقْمِهِ وعجزِهِ وقدرتِهْ
ثم العمى والقصدُ بالكلامِ
أو ضدِّهِ فيها على تحقيقِ
إذ كانَ في التحريكِ لا يكونُ
كالجمعِ للبياض والسوادِ
فاسمعْ فهذا قالَهُ الأحبارُ
وما جرى في غابرِ الأعصارِ
والمصطفى محمَّدٍ وعيسى
تجِدْهُ عند السَّبْرِ ينأى عنها
كي لا يُقالَ إنهمْ قد عَجَزوا
والعلمِ والسؤددِ والسِّيادَهْ

 

فصل

في حقيقة العلم

(العلمُ) بحرٌ حدُّهُ لا يُعرَفُ ‍
مع أن كلاً غاصَ فيهِ جُهدَهُ ‍
وهمْ ذَوو الفضائلِ المشتَهِرَةْ ‍
وها أنا أذكرُ ما قالوهُ ‍
(معرفةُ المعلومِ) قالَ الأوحدُ ‍
حكاهُ في التلخيصِ للتقريبِ ‍
معْ أنهُ الحَبْرُ حكى في كُتْبِهِ ‍
واختارَ هذا اكثرُ الأصحابِ ‍
وهْوَ كلامٌ ظاهرُ الفسادِ ‍
لأنهمْ قد جعلوا المعدوما ‍
ومَا لَهُ مائيَّةٌ فتُحصَرا ‍
وقد أتَوْا فيهِ بلفظِ المعرفَةْ ‍
وإن تقلْ ما يُعْلَمُ المعلومُ بهْ ‍
وقد اطالَ الناسُ في تحديدِهِ ‍
وبعضُهم ينقُصُ حدَّ بعضِ ‍
وكلُّ ما قالوهُ إقناعيُّ ‍
وكلُّ لفظٍ عنهمُ منقولِ ‍

 

قد قالَه أهلُ الحجى وأنصفوا
ولم ينلْ بعدَ العَناءِ قصدَهُ
العلماءُ الأذكياءُ المهَرَةْ
وما من المأثورِ أوردوهُ
أبو المعالي إنه مطَّرِدُ
وقد أتى النقلُ على الترتيبِ
زيادة وهْيَ (على ما هُوْ بهِ)
العارفونَ سُبُلَ الصوابِ
يعرفُهُ ذو العلمِ والسَّدادِ
من غيرِ خُلْفٍ بينهم معلوما
ومن أتى بجَهْدِهِ ما قصَّرا
وهْيَ والعلمُ سواءٌ في الصفَةْ
كنتَ أسَدَّ قائلٍ في مذهبِهْ
قِدْماً ولم يأتُوا على مقصودِهِ
حتى تساوتْ كلُّها في النقضِ
في مَعْرِضِ التحديدِ لا قطعيُّ
يقصُرُ عنْ مداركِ العقولِ

 

فصل

في حدِّ الجهل‍

 

وإنْ أردَّتَ أن تَحُدَّ الجهلا ‍
وهْوَ (انتفاءُ العلم بالمقصودِ) ‍
(وقيلَ) في تحديدِهِ ما أذكرُ ‍
(تصوُّرُ المعلومِ) هذا حرفُهُ ‍
مُسْتَوْعَبا (على خلافِ هيئتِهْ) ‍

 

مِنْ بعدِ حدِّ العلمِ كانَ سهلا
فاحفظْ فهذا أوجزُ الحدودِ
من بعدِ هذا والحدودُ تكْثُرُ
وحرفُهُ الآخَرُ يأتي وصفُهُ
فافهمْ فهذا اللفظُ من تَتِمَّتِهْ

 

فصل

في حقيقة (الشك) والظن‍

 

أوجزُ لفظٍ قد أتى في حدِّهِ ‍
(سِيَّانِ في التجويزِ) وهْوَ آخرُهْ ‍
وإنْ تقلْ معَ ظهورِ الواحدِ ‍

 

(تجويزُ أمرينِ) وزِدْ من بعدهِ
وقدْ اجادَ لفظَهُ محرِّرُهْ
تَقِفْ من الظنِّ على المقاصدِ

 

فصل

في حد السهو‍
 

للسهْوِ حدٌّ مَنْ نَحا أن يفهَمُهْ ‍

 

فهْوَ (ذهولُ المرءِ عما علِمَهْ)

 

فصل

في حد الدليل‍

 

وإنْ تُرِدْ معرفةَ (الدليلِ) ‍
فإنهُ (المرشدُ) فافهمْ لفظَهُ ‍
وحدُّهُ المأثورُ في التلخيصِ ‍
وهْوَ الذي ءاثَرَهُ الفحولُ ‍

 

من غيرِ إطنابٍ ولا تطويلِ
وهْوَ (إلى المطلوبِ) أحكِمْ حِفظَهُ
لم يَتأتَّ لي على المنصوصِ
وشَهِدَتْ بِقَطْعِهِ العقولُ

 

فصل

في تقسيم العلم‍

 

(العلمُ قسمانِ) سوى القديمِ ‍
قسمُ (ضروريٌّ) فكلُّ عاقلِ ‍
ولا يسوغُ الانفكاكُ عنهُ ‍
هذا إذا ما صحَّتِ الآلاتُ ‍
وقد مضتْ أنواعهُ مستوعبَةْ ‍
(والنظريُّ) قسمُهُ الثاني فما ‍
فكلُّ ما عرفتَهُ استدلالا ‍

 

علمُ إلهيْ جلَّ عن تقسيمِ
يعرِفُهُ مِن عالمٍ وجاهلِ
لعاقلٍ والانفصالُ منهُ
وانتفتِ الأسقامُ والآفاتُ
مُوجزةٌ بيِّنَةٌ مهذَّبَهْ
أجلَّهُ فانظرْ إلى أنْ تعلما
فنظريٌّ فاعرِفِ الأمثالا

 

القول في حد (العالم)‍

 

فـ(ـكلُّ ما أوجدَهُ إلهـُنا) ‍
(وهْوَ على نوعينِ) نوعٌ (عَرَضٌ) ‍
(ومنهما تأتلفُ الأجسامُ) ‍
(وليس يَعرى جوهرٌ عن عَرَضٍ) ‍
(وأنكرتْ) جماعةُ (الملاحدةْ ‍
وقد رأَوْا تحرَّكَ الجواهرِ ‍
وعقلوا فَرقا ضروريا فما ‍

 

عُبِّرَ بالعالَمِ عنهُ ها هُنا
(و) الآخَرُ الـ(جوهرُ) تمَّ الغرضُ
فاحفظْ فكلُّ حافظٍ إمامُ
هذا هو المختارُ فافهمْ غرضي
العَرَضَ) المدرَكَ بالمشاهدَةْ
بعدَ سكونٍ شاهدوهُ ظاهِرِ
أضلَّهمْ إذ جهلوا ما عُلِما

 

فصل

في حقيقة (الجوهر)‍

 

فـ(ـكلُّ ما حُيِّزَ) فهْوَ جوهرُ ‍
(وقيلِ ما قامتْ به الأعراضُ) ‍
(وقالَ قومٌ كلُّ جِرْمٍ جوهرُ) ‍

 

هذا هو المأثورُ مما ذَكروا
وما على ما قلتُهُ اعتراضُ
وهْو على شذوذهِ محرَّرُ

 

فصل

في حقيقة العَرَض‍

 

و(ما تقضَّى بتقضِّي الزمنِ) ‍
وسائرُ الطعومِ والألوانِ ‍
وكالأرائجِ وضوء النارِ ‍
والموتِ والحياة والتأليفِ ‍
والعلمِ والجهلِ فَسُقْ ما استَبْهَما ‍
وقال في تحديدِه (ابنُ فوركا ‍
وقالَ كلُّ بارعٍ مستيقظِ ‍

 

فعَرَضٌ مثلُ اخضرارِ الدِّمَنِ
والعَجْزِ والقدرةِ والأكوانِ
وحرِّها والليلِ والنهارِ
والنطقِ والسكوتِ والتأفيفِ
في ضمنِ ما ذكرتُ حدّا أمَمَا
ما لم يقمْ بنفسهِ) كذا حكى
ما يتلاشى حينَ ينشا فاحفظِ

 

فصل

 

(وجملةُ الأعراضِ نوعانِ) هما ‍
أما الذي يفارق ُ الجواهرا ‍
والظاهرُ الناشي من الأعراضِ ‍
وسائرِ الألوان فاعرِفْ أصلَهُ ‍

 

(مفارقٌ ولازمٌ) فاعرفْهما
فقد تراهُ يتلاشى ظاهرا
معَ التلاشي وهْوَ كالبياضِ
وألْحِقَنْ بكلِّ نوعٍ مثلَهُ

 

فصل

في بيان حقيقة الجسم‍

 

(الجسمُ ما أولفَ من) جواهرِ ‍
ومنهمُ من قالَ (جوهرينِ) ‍

 

فهذه عبارةُ الأكابِرِ
(فما يزيدُ) فافهمْ الحصرينِ

 

فصل

 

(والعالمُ العلويُّ والسفليُّ ‍
واعلمْ بأنَّ العقلاءَ أطبقوا ‍
من سائرِ الأصنافِ كالجهميَّةْ ‍
وشذَّ عنهمْ سائرُ الدهريَّةْ ‍
وأنكروا حدوثهُ في الأصلِ ‍
وكل ما مضى من الكلامِ ‍
دلَّ على الحدوث بالمشاهدَةْ ‍
فالجسمُ لا يخلو من الأعراضِ ‍
واعلم بأنَّ دوَرانَ الفَلَكِ ‍
لأنهُ يحدُثُ في العِيانِ ‍
فالدَّوَراتُ الحادثاتُ كالتي ‍
إذْ كلُّ ما ليستْ له نهايَةْ ‍
فنفرِضُ المقصودُ في كلامنا ‍
وكلُّ شيءٍ حادثٍ لا بدَّ لَهْ ‍
هذا الذي يلزمُ في العقولِ ‍

 

أنشأهُ إلهُـنا) العليُّ
قطْعا على حدوثهِ واتفقوا
ومنكري الرسْلِ مع الجبريَّةْ
في فِرَقٍ من الهَيَوْلائيَّةْ
ثمَّ ادَّعَوْا بقاءهُ عن فضلِ
في حدَثِ الأعراضِ والأجسامِ
كما ذكرناهُ معَ الملاحدَةْ
كما حكيتُ في الكلامِ الماضي
في حَدَثِ العالمِ أقوى مسلَكِ
مُشاهدا بحدَثِ الزمانِ
في غابرِ الأعصارِ قد تولَّتِ
يَلْزَمُ قرْضُ الحكْمِ في البدايَةْ
في دورةٍ تحدثُ في زماننا
من مُحْدِثٍ فضلَّ من قد جهِلَهْ
فافهمْ فذا أصلٌ من الأصولِ

 

فصل

 

و(صانعُ العالَمِ) فردٌ (واحدُ) ‍
جلَّ عن الشريكِ والأولادِ ‍

 

ليس له في خلقِهِ مساعدُ
وعزَّ عن نقيصَةِ الأندادِ

 

فصل

في حقيقة الواحد‍

 

(والواحدُ الشيءُ الذي لا ينقَسِمْ) ‍
وقد حكاهُ وارتضاهُ الماهرُ ‍

 

والشيءُ إن أفردتَهُ لا ينقسمْ
أبو المعالي وهْوَ حدٌّ قاصِرُ

 

فصل

 

(وهْوَ قديمٌ) ما لهُ ابتداءُ ‍
(لأنَّ) كلَّ (ما استقرَّ قِدَمُهْ ‍

 

و(دائمٌ) ليس له انتهاءُ
فيستحيلُ) في العقولِ (عَدَمُهْ)

 

فصل

 

(ليسَ بجسمٍ) إذ لكلِّ جسمِ ‍
ويَلزَمُ المُخَصّصَ المؤلّفا ‍
فينقضي القولُ إلى التسلسُلِ ‍
أو ينتهي الأمرُ إلى قديمِ ‍
وهْوَ الذي سُمِّيَ جلَّ صانِعا ‍

 

مؤلِّفٌ مخصِّصٌ بعِلْمِ
ما لزِمَ المنزّهَ المكلَّفا
في عقلِ كلِّ يَقظٍ مُحَصِّلِ
فيستوِيْ في النَّهَجِ القويمِ
وبارئا ومُعْطِيا ومانعا

 

فصل

 

ويستحيلُ أن يكونَ جوهرا ‍
ثمَّ أَعِدْ ما قلتُهُ هنالكا ‍
لأنَّ ما لا يسْبِقُ الحوادثا ‍

 

مجْتَزءا أنعِمْ هُدِيْتَ النَّظرا
ضلَّ النصارى حينَ قالوا ذلكا
يَلْزَمُ عقلا أن يكونَ حادثا

 

فصل

 

وإنْ سُئِلْتَ هل لهُ لونٌ أجِبْ ‍
سبحانَهُ هو الألهُ الأحَدُ ‍

 

"بلا" تعالى اللهُ عن لونٍ تُصِبْ
الملِكُ الأعلى القديرُ الصَّمَدُ

 

فصل

 

و(صانعُ العلمِ لا يحويهِ ‍
قد كانَ موجودا ولا مكانا ‍
سبحانَهُ جلَّ عن المكانِ ‍
فقدْ غلا وزادَ في الغلوِّ ‍
وحصرَ الصانعَ في السماءِ ‍
وأثبتوا لذاتِهِ التحيُّزا ‍

 

قُطرٌ) تعالى اللهُ عن تشبيهِ
وحُكمُهُ الآنَ على ما كانَا
وعزَّ عن تغيُّرِ الزمانِ
من خصَّهُ بجهةِ العلوِّ
مبدعَها والعرشُ فوقَ الماءِ
قد ضلُّ ذو التشبيهِ فيما جوَّزا

 

فصل

 

قد (استوى) الله (على العرشِ كما ‍
والاستواءُ لفظةٌ مشهورةْ ‍
فنَكِلُ الأمرَ إلى الله كما ‍
والخوضُ في غوامضِ الصفاتِ ‍
إذ في صفاتِ الخلقِ ما لا عُلِما ‍

 

شاءَ) ومن كَيَّفَ ذاكَ جسَّما
لها معانٍ جمةٌ كثيرةْ
فوَّضَهُ مَنْ قبلَنا منْ عُلَمَا
والغوصُ في ذاكَ من الآفاتِ
فكيفَ بالخالِقِ فانحُ الأسلما

 

القولُ في الصفاتِ
 

(إعلمْ بأنَّ الاسمَ غيرُ التسميَةْ ‍
(والوصفُ) في مذهبِنا (غير الصفةْ) ‍
(وتُحصَرُ الصفاتُ في أقسامِ ‍
منها (صفاتُ الذاتِ نحو قاهرِ) ‍
(ثمَّ صفاتُ الفعلِ نحوُ خالقِ) ‍
(ثمَّ صفاتٌ إن أتتكَ مهملَةْ ‍
كمُحْسِنٍ(ومثلُهُ (اللطيفُ) ‍
إذ لفظةُ الأحسنِ قد تُستعملُ ‍

 

وما أرى بينهما من تسويَةْ
فاخترْ من السُّبْلِ سبيلَ النَّصَفَةْ
ثلاثةٍ) تأتي على نظامِ
وعالمٍ وقادرٍ وظاهرِ
ومنشئٍ وباعثٍ ورازقِ
في اللفظِ) كانتْ لهما محتَمَلَةْ
جاءَ بمعنَيَيْهِما التوقيفُ
في العلمِ والإنعامِ فيما ذكروا

 

فصل

 

(ونحنُ قبلَ الخوضِ في الصفاتِ ‍
(يَعُمُّ) إن شاءَ الإلهُ (نفعُهُ) ‍
 

نُثْبِتُ فصلا) جيِّدَ الإثباتِ
ولا يسوغُ مَنْعُهُ وَدَفْعُهُ
 

 

تمَّ بعون الله طباعة 201 بيت من حدائق الفصول وجواهر الأصول وبقي 291 بيت منها سيتم طبعها لاحقا ونشرها باذن الله تبارك وتعالى.
 

المكتبة السنّية

:: عودة للمكتبة

تم بحمد الله

:: الصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية